الاثنين، 13 سبتمبر 2010

منهج البحث العلمي

منهج البحث العلمي

: معنى البحث :

1. تصنيف وتنظيم.

2. تأليف.

3. جمع متفرق.

4. إعداد وتحضير.

5. صناعة.

6. دراسة وتحليل.

7. ابتكار وإبداع وتجديد.

8. تحقيق معلومة مجهولة.



إنَّ كتابة البحث لا تعدَّ هما؛لأنه يمكنك الاستعانة بفكرك وقدراتك المستريحة. يمكنك الاستعانة بالمكتبة الإنترنت. ويمكنك مناقشة موضوع البحث مع المشرف. ويمكنك الاستعانة بذوي الخبرة . ويمكنك الاستفادة من زميلاتك ممن تمرست في كتابة البحث.

2 : موضوع البحث:

يدور موضوع البحث حول قضية من القضايا التي تهم الباحث على الصعيد الاجتماعي او السياسي اوالثقافي او الاقتصادي، بحيث يعالج البحث مشكلة واقعية حياتية في موضوعات متخصصة.

3- خطوات البحث العلمي:

أولا : تعريف مشكلة البحث: ويكون بتحديد الموضوع( مشكلة البحث )، وطرح الأسئلة ضمن الزمان والمكان والأحداث والأشخاص والعلاقات.

ثانيا: تجميع المعلومات : ( من الكتب والمراجع والمعاجم والمقابلات والاستبانات …) ومعرفة ما يؤثر فيها من عوامل، أو علاقات تربط بينها وبين غيرها من المتغيرات والأفكار .

ثالثاً: تشكيل الفرضيات: ( الفرض هو تخمين ذكي من صاحب المشكلة يتأثر بنوع الخبرة السابقة بموضوع المشكلة، ويكون على شكل جملة خبرية تتطلب البحث عن علاقة بين متغيرين، أو فكرتين، أو مقولتين؛ نحو : يؤثر الدوام الطويل للمكتبة على سرعة إنجاز البحث الصفي ) .

رابعا:" تحليل المعلومات: (وهي القياسات ) ويكون بالتأكد من صحة الفرضيات باختبارها ومراجعتها وموازنتها .

خامسا : استخلاص النتائج ونشرها ( التوصل إلى الحل ) ويكون بتفسير ومناقشة ما تم التوصل إليه من حلول وكشف العلاقات ( غاية البحث ).

4: مهارات ضرورية في كتابة البحث العلمي وهي



متطلبات هامة للورقة البحثية:

1. تصميم صفحة العنوان.

بيانات المقدمة.





2. طرق نقل المعلومات للبحث.

3. اختصار المعلومات( التلخيص).

4. تحديد عناوين البحث الرئيسة والفرعية.

4. استخدام البطاقات لكتابة المعلومات وجمعها من مصادرها.

5 . التقسيم إلى فصول.

6.§ توثيق البحث(الهوامش)

7. إبداء الرأي الشخصي عند النقل.

8. الخاتمة ونتائج البحث.

9. تنظيم صفحة المحتويات.

10. تنظيم مصادر ومراجع البحث.



5- المقدمة وتتضمن العناصر التالية:

1. عنوان البحث.

2. أهمية موضوع البحث وسبب اختياره.

3. الهدف من البحث وأهميته، وسبب الكتابة.

4. أقسام الورقة البحثية ومكوناتها. [عرض فصول البحث أو أقسامه أو أجزاؤه ] .

5. طريقة معالجة موضوع البحث(المنهج).[الطريقة والإجراءات].

6. الإشارة إلى ما وجده الباحث من ملاحظات أثناء قيامه بالبحث.

7. الدراسات السابقة باختصار.

8. أهم نتيجة توصل إليها الباحث.

9. توجيه الشكر لكل من قدم له مساعدة ومنهم المشرف.

6: شروط اختيار النقطة البحثية :

1. توفر المراجع والمصادر حولها.

2. اتصال النقطة البحثية بالتخصص المدروس.

3. مناسبتها للوقت اللازم لإنجازها.

4. وضوح الهدف من النقطة البحثية.

5. توفر المكان الذي تطبق فيه النقطة البحثية.

6. كيف نقوم بإنجاز النقطة البحثية.



8 : توجيهات وملاحظات : إذا كان الورقة البحثية تتضمن تعريفات كثيرة فلابد من :

1. تعريف الكلمات والمصطلحات الواردة خصوصاً تلك المصطلحات التي تتضمن معان كثيرة .

2. استخدم سؤلاً ليكون الجملة الرئيسة .

3. يجب أن يكون التعريف جامعاً مانعاً غير ناقص ولا مجتزأ.



في حالة وجود نوع من المقارنة في الورقة البحثية فلا بد من الآتي:

1. تقديم مفصل لكلا النقطتين محل المقارنة .

2. فصل في النقطة الأولى قبل الانتقال إلى المقارنة .

3. استخدم كلمات مناسبة للمقارنة مثل : مقارنة بـ ، من جهة أخرى، وعلى العكس من، ومن جانب آخر، وبصورة أخرى، وعلى النقيض من هذا الرأي يرى الباحث ، … ).

في حالة وجود وصف في الورقة البحثية احرص على الآتي:

1. جملة رئيسة في بداية الفقرة أو في نهايتها .

2. لا تبسط في الوصف بتقليل المعلومات الضرورية .

3. لا تقدم حكماً مبــــكراً .

4. نظم المعلومات بطريقة سهلة وطبيعية .

5. رأي الباحث حيث يتم تقديمه بطريقة المقارنة السابقة التي أشرنا إليها.



9 : الخاتمـــــــة:

وتتضمن النتائج التي توصل إليها الباحث بعد استعراض أشبه ما يكون بما تم تقديمه في المقدمة. وتتضمن العناصر التالية :

1. عنوان البحث وعرض أو ذكر فصول البحث أو أقسامه أو أجزائه .

2. تقديم النتائج التي انتهت إليها الباحثة بشكل متسلسل حسب أسئلة الدراسة، أو حسب تسلسل فروضها أو حسب ورود القضايا والمحاور الرئيسة في البحث .

3. تحليل وبيان أسباب تلك النتائج التي توصل إليها الباحث وبيان علاقتها بالمتغيرات المختلفة .

4. مقارنة نتيجتها بنتيجة غيرها من الباحثين .

5. وضع مقترحات وتوصيات لإكمال الموضوع أو فروعه أو متعلقاته على يد باحث آخر .

9 : قائمة للتعرف على طريقة الكتابة حيث تساعد في مرحلة المراجعة وقبل الكتابة النهائية:

أولاً: تركيب الجملة:

تنظيم المعلومات المجمعة للبحث، وتقسيمها إلى أقسام صغيرة مترابطة. ويشترط في الفقرة الخاصة بالتقسيم ما يلي:

تقديم جملة رئيسة تحدد النقطة الأساسية في الفقرة . وتحديد الأقسام .وتعريف كل قسم .ثم ضرب الأمثلة، وأخيرا جملة ختامية تلخص الأقسام السابقة.

ويمكن للتحقق من كتابة البحث طرح التساؤلات التالية:

1. هل الجمل طويلة جداً؟

2. هل الجمل غير واضحة المعنى؟

3. هل الزمن(ماض، أم مضارع) مناسب للكتابة .

4. هل المبتدأ والخبر متناسقان إعراباً ( الرفع) .

5. هل الضمائر التي تشير إلى أشخاص أو أحداث واضحة غير مربكة للقارئ ؟

6. هل الصفات مناسبة للموصوفات من حيث العدد والنوع ؟

10 : التنظيم ( على مستوى الفقرة) داخليا

1. هل الفكرة واضحة، مختصرة، ومباشرة؟

2. هل تحوي كل فقرة فكرة جديدة ؟

3. هل تحوي كل فقرة جملة رئيسة تضبط الفقرة ؟ وما هي ؟

4. هل الفقرة كافية في التفاصيل والأمثلة ؟

5. هل كل جملة في الفقرة ترتبط عضوياً بالجملة الرئيسة ؟

6. هل أدوات الربط مناسبة ؟

7. هل المعلومات المقدمة متناسقة معنوياً ؟

8. هل الخاتمة كافية ؟

9. هل دعمت الآراء المقدمة بالأمثلة والشواهد ؟

11: الأسلـــــــوب:

1. هل اللغة والمفردات المستخدمة تناسب المعنى المقصود ؟ ( اللغة معاصرة أم تراثية، مباشرة أم أدبية، سهلة واضحة )

2. هل استخدمت بعض العبارات أو المصطلحات أكثر من اللازم ؟

3. هل هناك تكرار في بعض الكلمات؟ ؛ الكاتب يلجأ إلى الاستطراد. وهل يكثر من المترادفات والأضداد .وهل الاستطراد مفيد أم معيب ؟

4. هل يستخدم الكاتب المؤكدات في بداية الجمل ؟

5. أي الجمل أكثر سيطرة أهي الجمل الفعلية أم الاسمية ؟

6. هل يلف الغموض الفكرة أم أنها واضحة جلية ؟

7. هل استدل بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية أو المأثورات نثرا أو شعرا ؟.وهل الاقتباسات تتناسب والسياق ؟

8. هل الأسلوب سردي أو حواري أو بطريقة ترقيم الأفكار ؟ وهل هو صعب معقد أو دقيق واضح، وهل هو تعليمي .





12 : الإملاء والترقيــــم:

1. مراجعة النص للتأكد من خلوه من الأخطاء الإملائية، وخاصة في كتابة الهمزات؛ لكثرة من يخطئ فيها.

2.تأكد من وجود علامات الترقيم في مكانها الصحيح المعبر عن الوقفات الصحيحة ، ومنها:




أ- النقــــــطة .

ب- علامات الاستفهام .

ت- علامات التعجب .

ث- الفاصــــلة .

ج- الفاصلة المنقوطة .

ح- الشرطة.

خ- علامات التنصيص .

د- علامات التقسيم إلى فروع .

ذ- الأعــداد وتنسيقها .



13 : فهرس البحث( المحتويات )

يوضع في بداية البحث أو في آخره ، ويتضمن توزيع المادة الواردة في البحث حسب ورودها متسلسلة ، حيث يوضع كل عنوان رئيسي أو فرعي ويقابله رقم الصفحات التي ورد فيها . مثال :

فهرس المحتويات

الموضـــــــــــوع
الصفحة

الإهداء


المقدمة


الفصـــــــل الأول











الفصـــــــل الثاني








الفصـــــــل الثالث








الخاتمة او نتائج البحث


المراجع والمصادر





صفحة المصادر والمراجع

ترتب صفحة قائمة المصادر والمراجع حسب أسماء المؤلفين ترتيبا ألفبائياً ، وهي كما يلي : أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م ن هـ و ي .



ويكون توثيق وترتيب المعلومات إذا كانت من الكتب كما يلي :[ توثيق الكتب]



1-اسم المؤلف 2- اسم الكتاب 3- مكان النشر 4-دار النشر 5- رقم الطبعة 6-سنة النشر

ويكون ترتيب وتوثيق المعلومات إذا كانت من دوريات: [الصحف والمجلات اليومية والأسبوعية والشهرية ] كما يلي :

1-اسم المؤلف 2-(عنوان المقال) ويكون بين قوسين 3-اسـم الدورية ويوضع خط تحت الاسم 4- مكان النشر 5- رقم والعـدد المجـلد 6-تاريخ نشر العدد

ويُـفصل بين كل معلومة وأخرى بفاصلة ، ويوضع خط تحت اسم الكتاب عندما يكون مرجعا، ويوضع خط تحت اسم الدورية إذا كانت مرجعا، وتنتهي المعلومات بالنقطة.

(راجع خالد فراج، البحث العلمي، الامارات، بتصرف)
رد مع اقتباس

منهج البحث العلمي : تعريف، وهدف، وأهمية


منهج البحث العلمي : تعريف، وهدف، وأهمية

الدكتور محمد هشام النعسان

1ـ مقدمة:
أصبح منهج البحث العلمي والتمرس على تقنياته علماً قائماً بذاته وقد كتبت في هذا الفن العشرات من الكتب والرسائل والأبحاث وأغلب الباحثين يظنون أن هذا العلم جاءنا من الغرب، والواقع أن أجدادنا العرب قد سبقوا الغرب إلى انتهاج طرق علمية في البحث ولا سيما في فترة الازدهار العلمي والفكري وقد أصبح الهدف من تدريس هذه المادة لطلاب المراحل الجامعية ـ الإجازة (ليسانس)، والدراسات العليا ـ هو إعداد الطلاب إعداداً تربوياً علمياً يؤهلهم ليصبحوا أساتذة وباحثين منهجيين. وتوجيههم التوجيه الصحيح ليتفرغوا للبحوث والدراسات العلمية الأكاديمية لأن الهدف الأساسي للتعليم الجامعي ليس هو تخريج المدرسين أوالمهنيين وحسب، وإنما هو تخريج باحثين أكاديميين يمتلكون الوسائل العلمية لإثراء المعرفة الإنسانية، بما يقدمونه من مشاركات جادة في مجالات تخصصهم، ويتحلون بالأخلاق السامية التي هي عدة الباحث في هذا الميدان مثل: الصبر، والمثابرة، والأمانة، والصدق، والإخلاص لطلب العلم وحده.
2ـ قيمة العلم:
ما دام الإنسان يؤدي رسالة الخلافة على الأرض التي أرادها الله له يسعى حثيثاً لكشف المخبوء من قوانين الكون، وأسرار الحياة، طلباً للعلم والمعرفة إن البحث العلمي، والسعي وراء اكتساب المعارف من أعظم الوسائل للرقي الفكري والمادي، كما انه المؤكد للكرامة والفضل اللذين منحهما الله عز وجل للإنسان من بين مخلوقاته، ولأجل أن يتحقق هذا الهدف سخر الله للإنسان كل ما في الوجود، يسعى في مناكب الأرض، ويسبح في أجواء الفضاء، ويغوص في أعماق البحار وقد صدق رب العالمين إذ قال في القرآن الكريم:" هلْ يستوِي الذينَ يعلمُونَ والذينَ لا يعلمُون" (الزمر آية 9).
ويقول سبحانه وتعالى:" يرفعِ اللهُ الذينَ آمنوا مِنكمْ والذينَ أوتُوا العلمَ دَرَجاتً" (المجادلة آية 11 ).
ويقول جل شأنه:" إِنمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ" (فاطر آية 28 ).
كما يقول الرسول العربي (ص ) : "من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة" وما دام الإنسان يسعى وراء المعارف يتسع أفقه وتنمو مداركه، وتتعاظم خبراته، فإذا ظن الإنسان أنه قد وصل إلى درجة كافية من العلم والبحث، فمن هنا يبدأ مرحلة جديدة يتورط فيها في ظلمات الجهالة وقد أصبحت الحكمة القديمة التي تقول:" إن المرء ليعلم ما دام يطلب العلم فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل".
وقد جاء في كتاب أدب الدنيا والدين للماوردي ..... :" تعلموا العلم:
فإن كنتم سادة فقتم،
وإن كنتم وسطاً سدتم،
وإن كنتم سوقة عشتم ".
وقد أحسن من قال:" من أمضى يومه في غير حق قضاه، أو فرض أداه، أو مجد أثله، أو علم حصله، فقد عق يومه، وظلم نفسه ".
وفيما يلي بعض قلائد الحكم في العلم:
· من كان ذا عِلمٍ سعى بِيَومه لِغَدِه. ومَن كان ذا عقلٍ حصَّل خاتَم المُلك في يده.
· من صاحَبَ العُلماءَ وُقِّر، ومن عاشَرَ السفهاءَ حُقِّر.
· من لم يتعلَّم في صِغرِه لم يتعلَّم في كِبَره.
· أصل العلم الرغبةُ وثمرتُه العبادةُ.
· العالم يعتمد على عمله، والجاهل يعتمد على أمله.
· الجاهلُ يطلب المالَ، والعالم يطلب الكمالَ.
· العلمُ كَنْـزٌ لا يَفْنى، والعقلُ ثوبٌ لا يَبْلى.
· العالِمُ من تركَ الذُّنوبَ وانتفى منَ العيوبِ.
· لا يُدرِكُ العلمَ إلا من يُطيلُ دَرسَهُ ويُكِدُّ نَفسَهُ.
· لا يستخِفُّ بالعِلم وأهلِهِ إلا رقيعٌ جاهلٌ، أو وضيعٌ خاملٌ.
· العلمُ شرفٌ لا قدرَ له، والأدبُ مالٌ لا فوقَ عليه.
· الجهلُ أضرُّ الأصحابِ، واللُّؤمُ أقبحُ الأَثوابِ.
· أفضلُ ما منَّ اللهُ به على عبادِه عِلمٌ وعقلٌ ومُلكٌ وعدلٌ.
· العلمُ عِصمةُ الملوكِ، لأنَّه يردَعُهم عن الظُّلم ويردَّهم إلى الحِلم، ويصدُّهم عن الأذيَّة ويُعطِّفُهم على الرَّعيَّة، فمن حقِّهِم أن يعرفوا فضلَه ويستبطِنوا أهلَه.
3ـ وسائل العلم:
لكي يعطي العلم ثماره فإنه لابد من أن يكون منصباً على وسيلتين هما:
أ ـ الوسيلة النظرية:
وهي الإطلاع الكافي على ما يقدمه المختصون والمجربون من نظريات ونصائح في هذا الميدان، حتى إذا بدأ الطالب خطواته العملية في ميدان البحث العلمي بدأها بثبات ويقين، وقطع مراحل البحث وهو يمتلك التصور الكامل للمراحل التي سيقطعها في هذا السبيل الشاق، من لحظة التفكير في إشكالية البحث إلى ساعة التتويج بنيل الشهادة العليا بحول الله.
ب ـ الوسيلة التطبيقية:
إن الفائدة المرجوة من دراسة هذه المادة لا تتم بغير العناية الكاملة بالجانب التطبيقي، إذ لا يكفي إن نملأ أدمغتنا بالنظريات ونحن نمارس العمل في ميادين البحث المباشرة مع المصادر والمراجع والمواقع الأثرية و...
لذا فإننا نوجه العناية إلى هذا الجانب المهم، وهو تعويد الطلاب على التعامل مع المصادر والنصوص وبث روح التفكير والنقد فيهم، وزرع أخلاق الباحثين النزهاء منذ الخطوات الأولى، فإن البحث العلمي أخلاق فاضلة قبل كل شيء.
على أن الإطلاع على مناهج البحث العلمي ودراسة تقنيات البحث، لا يكون وحده استعدادات نفسية، وعلمية، وذهنية، إنها أشبه ما تكون بالماء الذي يسقي الأرض الصالحة للزراعة، فإن لم يكن الباحث مؤهلاً بالفطرة للبحث فإن دراسته للمناهج، ومعرفته تقنيات البحث لا تجدي نفعاً.
4ـ الحاجة إلى معرفة منهج البحث:
كل باحث بحاجة إلى معرفة الأصول العامة في كتابة الأبحاث (منهج البحث) وذلك للأسباب التالية:
أ ـ لأن إتباع الطرق البحثية التي خلُص إليها العلماء يزيد من جمال البحث، ويظهر حسن عرضه.
ب ـ يساعد القارئ على تصور أبعاد البحث وتفريعاته، وبذلك يسهل عليه فهمه.
ت ـ يساعد الباحثين المبتدئين على الارتقاء بأبحاثهم.
ث ـ يوحد خطوات البحث بين الباحثين، دون المساس بالمضامين العلمية أو النتائج التي يتوصلون إليها.
5ـ أهمية البحث:
البحث العلمي هو الذي يقدم للإنسانية شيئاً جديداً، ويُساهم في تطوير المجتمعات ونشر الثقافة والوعي والأخلاق القويمة فيها باستمرار.
وتزداد البحث كلما ارتبط بالواقع أكثر فأكثر، فيدرس مشكلاته، ويقدم الحلول المناسبة لها، فموضوع علم الآثار الذي ندرسه يحتل أهمية كبيرة بالنسبة لنا جميعاً، لأنه دائماً تظهر إلينا المزيد من المعلومات التي تكشف عن جوانب متعددة من حضارتنا عبر التاريخ.
ومما لا شك فيه أن الدراسات والأبحاث التي يكتبها المتخصصون في كل فن، تقدم للإنسانية خدمات كبيرة فهي:
أ ـ تُسجل آخر ما توصل إليه الفكر الإنساني في موضوع ما.
ب ـ تُقدم للناس فائدة عظيمة وتنشر الوعي فيما بينهم.
ت ـ تُثرِي المجتمع بالمعلومات، فتزيد في تطويره ونموه، ومواكبة السباق الحضاري بين الأمم.
6ـ أهداف البحث:
يميل البحث العلمي اليوم للتخصص ومعالجة أدق الجزئيات بالتفصيل، ويسلط الضوء على أسبابها وكيفية عملها ونتاجها، ويوازن بين الأمور ليبين صحيحها، ويهدف إلى إبراز حقيقة ما، أو يضع حلاً لمشكلة ما: ثقافية، أو علمية، أو اجتماعية، أو أدبية، أو يتوصل إلى اكتشاف جديد، أو يطور آلةً، أو نظرية معينة، أو يصحح خطأ شائعاً، أو يرد على أفكار معينة.
ومجاله رَحبٌ واسع لا حدود له، لأنه صادرٌ عن أفراد المجتمعات الإنسانية، ويسعى لتطورها ونشر العلم والثقافة والوعي فيها، وهذا أمر لا حدود له، يستمر باستمرار الإنسانية، لذلك يجب أن لا يَحْتار الباحثون في اختيار مواضيع بحثهم، فالمجال أمامهم واسع ومفتوح ما دام العقل البشري يعمل ويفكر، وما على الباحث إلا الانطلاق من حيث توقف الآخرون، لذلك يجب معرفة، واستيعاب أبحاث السابقين، حتى لا يقع الباحث في التكرار، وضياع الجهود وتبعثرها.
ولابد من أن يحقق البحث أهدافاً، ولابد من وضوح هذه الأهداف في ذهن الباحث، لأن معالجة الموضع تختلف لاختلاف الهدف، فمن كان هدفه من بحثه تعريف الناس، أو شريحة من الناس، بالمشكلة، يسلك طريقاً في بحثه غير الطريق الذي يسلكه من كان هدفه حل المشكلة.
ومن الأهداف المعتبرة للبحث الآتي:
1- الوصول إلى حكم لحادثة جديدة لم يبحثها غيره، أو التنبيه على أمر لم يسبق لأحد أن نبَّه إليه.
2. اختراع معدوم: ( الاختراعات، والاكتشافات ).
3. إتمام بحث لم يتمه منْ بحثه سابقاً.
4. تفصيل مجمل: الشروح، والحواشي، والتحليلات، والتفسيرات، والبيان لما هو غامض.
5. اختصار أو تهذيب ما هو مطوّل : إذ يستبعد من البحوث ما عسى أن يكون حشو وفضول، ومعارف يمكن أن يستغنى عنها في تعليم المبتدئين، وقد شاع هذا قديماً، ولم يعد اليوم مقبولاً كبحث.
6. جمع متفرق: ( النصوص، والوثائق، والأحداث، والمعلومات ..) قد تكون هناك مسائل علمية متفرقة في بطون الكتب موزعة في مصادر ومراجع مختلفة، وتحتاج إلى بحث واستقراء دقيقين ليصل الباحث إلى تصور شامل لما تفرق في صورة قضية واحدة متكاملة الأطراف والعناصر، وهذا لون من البحث وإن لم يأت بجديد لكنه جهد مفيد، مثمر، ييسر للأجيال التالية أن تخطو على أساسه خطوات واسعة.
7. تكميل ناقص: بحث جانب وإهمال آخر، أو اهتمام بقضية وإغفال أخرى.
8.  إفراز مختلط: كاستقراء تراجم للأعلام، واستخراج تراجم منْ مات في أماكن ومناطق مختلفة.
9. إعادة عرض موضوع قديم بأسلوب جديد.
10. التعقيبات والنقائض: هذا لون من البحث يعتمد على التعقيب على بحوث سابقة، أو نقض ما فيها من قضايا، أوإصلاح أخطاء وقع فيها مؤلفون سابقون، وكشف ما فيها من زيف، أو تخطئة ما ورد فيها من آراء واجتهادات.
7ـ أنواع البحوث:
تتنوع البحوث من حيث الكمّ والكيّف:
1. من حيث الكم:هناك الأبحاث الصغيرة، ويكون هدفها تدريب الطلاب على كتابة الأبحاث، وتوسيع آفاق ثقافاتهم، واحتكاكهم بالمكتبات، وحُسن استخدام المصادر والمراجع، ويكون حجم البحث بمقدار يتراوح بين (10ـ50) صفحة.
وقد يكون كاتبُ البحث إنساناً من غير الطلبة (المدارس، والمرحلة الجامعية الأولى)، كأن يكون طالب في مرحلة الدراسات العليا ( الدبلوم، أو الماجستير، أو الدكتوراه )، أو عالماً، أو مفكراً، أو دارساً، أو باحثاً، أو متخصصاً في فنٍ ما، .. فيُساهم في أبحاثه بإثراء الفكر والمكتبة.
2. من حيث الكيف: فقد يكون البحث دراسةً جديدة يُعِدُها الباحث، ويقدم بها نفعاً للناس، وقد يكون له أهمية كبيرة في موضوعه، ويكون في إبرازه للناس فوائد عظيمة، فيعمل الباحث على خدمته بكل طاقته، لكي يوفره بين أيدي الناس بشكل علمي واضح ومُيَسر.
8ـ مواضيع البحوث:
تتنوع الأبحاث بتنوع مواضيع العلوم الكثيرة والمتشعبة، ويمكن تقسيم العلوم إلى فرعين عظيمين:
· العلوم النقلية: وهي علوم الدين التي جاء بها الوحي.
· العلوم العقلية: وهي العلوم التي أنتجته العقول البشرية:
من العلوم التطبيقية والأساسية: كالهندسة، والطب، والفيزياء، والكيمياء، والرياضيات، والحاسوب، ..
ومن العلوم الإنسانية: كعلم التربية، والاجتماع، والسياسة، والآداب، والإدارة، والمحاسبة، والآثار، والفلسفة، ..
ويمكن للطالب أن يختار أي موضوع من هذه الموضوعات حسب اختصاصه وميوله ورغبته.
9ـ التعريف قبل التأليف:
لابد قبل دراسة أي موضوع أن يتم تعريفه، ومن هذا القبيل يجب توضيح بعض المفاهيم، منها:
أ ـ البحث:
إن البحث واحد من أوجه النشاط المعقدة المحيرة, التي تظل عادة غير واضحة المعالم تماماً في أذهان من يمارسونها.
ولعل هذا هو سبب اعتقاد أغلب العلماء أنه ليس بالإمكان إعطاء أية دراسات منهجية في كيفية إجراء البحث.
والبحث هو تتبع موضوع ما في مظانه، وجمع معلوماته ثم سبرها بغية الوصول إلى غاية ما.
وإنني أسلم بأن التدرب على البحث ينبغي أن يكون ذاتياً إلى حد بعيد, ويفضل الاسترشاد بعالم أو باحث متمرس عند معالجة المراحل الفعلية في البحث, إلا أنني أعتقد أنه من الممكن أن نستمد بعض العبر والقواعد العامة من تجارب الآخرين.
وكما يقول المثل: ( الحكيم يتعلم من تجارب الآخرين، والأحمق لا يتعلم إلا من تجاربه).
ولا شك أن أي تدريب يتضمن أكثر من مجرد معرفة طريقة العمل، فالباحث بحاجة إلى مران ليتعلم كيف يضع القواعد موضع التنفيذ وحتى يصبح استخدامها عنده عادة. ولكن مما يفيده أيضاً أن يعرف المهارات التي ينبغي عليه اكتسابها.
إن العبقري النادر الذي يتألق بموهبة فذة في البحث لن يستفيد من التدرب على طرائق البحث.
غير أن معظم المقبلين على الاشتغال بالأبحاث ليسوا عباقرة, وهؤلاء لو أرشدوا إلى طريقة القيام بالأبحاث لكان في هذا ما يساعدهم على التبكير في الإنتاج أكثر مما لو تركوا لمعرفة ذلك بأنفسهم عن طريق التجربة الشخصية المضيعة للوقت.
ب ـ المنهج:
المنهج: هو البرنامج الذي يحدد لنا السبيل للوصول إلى الحقيقة, أوهو مجموعة قواعد يتبعها الباحث في إعداد بحثه، أو الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم. ولجميع الدراسات على اختلاف مناهجها, فهناك:منهج للتعلم، ومنهج للقراءة، ومنهج للتربية، ومنهج للآثار، ومنهج للعلوم التطبيقية، ومنهج في الطب (علاجي ـ وقائي),  ...
ت ـ منهج البحث العلمي:
يتكون هذا الاصطلاح من ثلاث كلمات هي:
كلمة منهج, وكلمة بحث, وكلمة العلمي.
- أما كلمة منهج: فهي مصدر بمعنى طريق, سلوك. وهي مشتقة من الفعل نهج بمعنى طرق، أو سلك، أو اتبع.
- أما كلمة البحث: فهي مصدر بمعنى الطلب, التقصي..، وهي مشتقة من الفعل: بحث بمعنى طلب، أو تقصى، أو فتش، أو تتبع، أو تمرس، أو سأل، أو حاول، أو اكتشف..
ومن هنا فكلمة منهج البحث تعني: القانون أو المبدأ أو القاعدة التي تحكم أي محاولة للدراسة العلمية وفي أي مجال.
ومناهج البحث متعددة, ومتجددة طبقاً لتعدد أنواع العلوم, و تجددها. وهي تشترك جميعها بخطوات وقواعد عامة تشكل الإطار الذي يسلكه الباحث في بحثه, أو دراسته العلمية, أو تقييمه العلمي لأي حقيقة علمية.
- أما كلمة العلمي لغة: فهي كلمة منسوبة إلى العلم, وهي بمعنى المعرفة, والدراية، وإدراك الحقائق. والعلم يعني الإحاطة والإلمام بالأشياء، والمعرفة بكل ما يتصل بها, بقصد إذاعتها بين الناس وقد عرض الباحثون تعريفات شتى للبحث العلمي، وهم في كل تعريف يصدر الواحد منهم عن منظور خاص، وتصور شخصي يصعب معه الشمول، كما نرى بعضهم حدد معنى البحث على أساس ميدانه:
ـ فالبحث في العلوم التجريبية له تعريف محدد.
ـ والبحث الأدبي له منحى معين.
ـ والبحث الديني قد يكون له مفهوم يختلف عنها جميعاً.
وعلى ضوء ذلك يمكننا تعريف منهج البحث العلمي بشكل عام بأنه:
ـ" التقصي المنظم بإتباع أساليب ومناهج علمية تحدد الحقائق العلمية بقصد التأكد من صحتها أو تعديلها أو إضافة الجديد إليها ".
ـ أو هو:" الطريق أو الأسلوب الذي يسلكه الباحث العلمي في تقصيه للحقائق العلمية في أي فرع من فروع المعرفة, و في أي ميدان من ميادين العلوم النظرية و العملية ".
ـ وبتعبير آخر هو: " سبيل تقصي الحقائق العلمية، وإذاعتها بين الناس " فالبحث العلمي يستند أصلاً إلى منهج ثابت ومحدد، تحكمه خطوات، تشكل قواعد, وأصولاً يجب التقيد بها من قبل الباحث ويعتمد البحث العلمي على المناهج المختلفة تبعاً لموضوع البحث، والمنهج العلمي هو الدراية الفكرية الواعية التي تطبق في مختلف العلوم تبعاً لاختلاف موضوعات هذه العلوم، وهو قسم من أقسام المنطق وليس المنهج سوى خطوات منظمة يتبعها الباحث في معالجة الموضوعات التي يقوم بدراستها إلى أن يصل إلى نتيجة معينة، وبهذا يكون في مأمن من اعتقاد الخطأ صواباً أو الصواب خطأ.
ومن هنا تنحصر مهمة الباحث الأولى:
ـ في التعرف على المناهج العلمية المتخصصة.
ـ ثم يقول بتحديدها، وتجميعها ضمن مجموعة القواعد المبادئ التي تحكمها.
ـ ثم يحاول التنسيق بينها ليستطيع الوقوف على المناهج والطرق المطلوبة واللازمة في البحث, والتقصي لسبيل المعرفة, وأنواع الحقائق العلمية.
ولنا أن نتساءل في نهاية هذا التعريف:
متى يمكننا اعتبار دراسة معينة ملتزمة بطرق البحث العلمي ومواصفاته ؟
يحدد المنهجيون ذلك بتوفير العوامل المحددة الآتية:
ـ أن تكون هناك مشكلة تستدعي الحل.
ـ وجود الدليل الذي يحتوي عادة على الحقائق التي تم إثباتها بخصوص هذه المشكلة وقد يحتوي على رأي أصحاب الاختصاص.
ـ التحليل الدقيق للدليل وتصنيفه، حيث يمكن أن يرتب الدليل في إطار منطقي أو في إطار شرعي علمي، وذلك لاختياره وتطبيقه على المشكلة.
ـ استخدام العقل والمنطق لترتيب الدليل في حجج وإثباتات حقيقية علمية دون اللجوء إلى الانفعال والعواطف والأغراض الشخصية.

منهج البحث العلمي تعريف، وهدف، وأهمية



 وقد أصبح الهدف من تدريس هذه المادة لطلاب المراحل الجامعية ـ الإجازة (ليسانس)، والدراسات العليا ـ هو إعداد الطلاب إعداداً تربوياً علمياً يؤهلهم ليصبحوا أساتذة وباحثين منهجيين. وتوجيههم التوجيه الصحيح ليتفرغوا للبحوث والدراسات العلمية الأكاديمية.
لأن الهدف الأساسي للتعليم الجامعي ليس هو تخريج المدرسين أو المهنيين وحسب، وإنما هو تخريج باحثين أكاديميين يمتلكون الوسائل العلمية لإثراء المعرفة الإنسانية، بما يقدمونه من مشاركات جادة في مجالات تخصصهم، ويتحلون بالأخلاق السامية التي هي عدة الباحث في هذا الميدان مثل:
الصبر، والمثابرة، والأمانة، والصدق، والإخلاص لطلب العلم وحده.
 
2ـ قيمة العلم:
       ما دام الإنسان يؤدي رسالة الخلافة على الأرض التي أرادها الله له يسعى حثيثاً لكشف المخبوء من قوانين الكون، وأسرار الحياة، طلباً للعلم والمعرفة.
       إن البحث العلمي، والسعي وراء اكتساب المعارف من أعظم الوسائل للرقي الفكري والمادي، كما انه المؤكد للكرامة والفضل اللذين منحهما الله عز وجل للإنسان من بين مخلوقاته، ولأجل أن يتحقق هذا الهدف سخر الله للإنسان كل ما في الوجود، يسعى في مناكب الأرض، ويسبح في أجواء الفضاء، ويغوص في أعماق البحار.
وقد صدق رب العالمين إذ قال في القرآن الكريم:" هلْ يستوِي الذينَ يعلمُونَ والذينَ لا يعلمُون" (الزمر آية 9).
ويقول سبحانه وتعالى:" يرفعِ اللهُ الذينَ آمنوا مِنكمْ والذينَ أوتُوا العلمَ دَرَجاتً" (المجادلة آية 11 ).
ويقول جل شأنه:" إِنمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ" (فاطر آية 28 ).
كما يقول الرسول العربي صلى الله عليه وسلم:" من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة".
وما دام الإنسان يسعى وراء المعارف يتسع أفقه وتنمو مداركه، وتتعاظم خبراته، فإذا ظن الإنسان أنه قد وصل إلى درجة كافية من العلم والبحث، فمن هنا يبدأ مرحلة جديدة يتورط فيها في ظلمات الجهالة.
وقد أصبحت الحكمة القديمة التي تقول:" إن المرء ليعلم ما دام يطلب العلم فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل".
وقد جاء في كتاب أدب الدنيا والدين للماوردي نصيحة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان لبنيه:" تعلموا العلم:
                     فإن كنتم سادة فقتم،
                   وإن كنتم وسطاً سدتم،
                   وإن كنتم سوقة عشتم ".
وقد أحسن من قال:" من أمضى يومه في غير حق قضاه، أو فرض أداه، أو مجد أثله، أو علم حصله، فقد عق يومه، وظلم نفسه ".
وفيما يلي بعض قلائد الحكم في العلم:
·       من كان ذا عِلمٍ سعى بِيَومه لِغَدِه. ومَن كان ذا عقلٍ حصَّل خاتَم المُلك في يده.
·       من صاحَبَ العُلماءَ وُقِّر، ومن عاشَرَ السفهاءَ حُقِّر.
·       من لم يتعلَّم في صِغرِه لم يتعلَّم في كِبَره.
·       أصل العلم الرغبةُ وثمرتُه العبادةُ.
·       العالم يعتمد على عمله، والجاهل يعتمد على أمله.
·       الجاهلُ يطلب المالَ، والعالم يطلب الكمالَ.
·       العلمُ كَنْـزٌ لا يَفْنى، والعقلُ ثوبٌ لا يَبْلى.
·       العالِمُ من تركَ الذُّنوبَ وانتفى منَ العيوبِ.
·       لا يُدرِكُ العلمَ إلا من يُطيلُ دَرسَهُ ويُكِدُّ نَفسَهُ.
·       لا يستخِفُّ بالعِلم وأهلِهِ إلا رقيعٌ جاهلٌ، أو وضيعٌ خاملٌ.
·       العلمُ شرفٌ لا قدرَ له، والأدبُ مالٌ لا فوقَ عليه.
·       الجهلُ أضرُّ الأصحابِ، واللُّؤمُ أقبحُ الأَثوابِ.
·       أفضلُ ما منَّ اللهُ به على عبادِه عِلمٌ وعقلٌ ومُلكٌ وعدلٌ.
·  العلمُ عِصمةُ الملوكِ، لأنَّه يردَعُهم عن الظُّلم ويردَّهم إلى الحِلم، ويصدُّهم عن الأذيَّة ويُعطِّفُهم على الرَّعيَّة، فمن حقِّهِم أن يعرفوا فضلَه ويستبطِنوا أهلَه.
 
3ـ وسائل العلم:
لكي يعطي العلم ثماره فإنه لابد من أن يكون منصباً على وسيلتين هما:
أ ـ الوسيلة النظرية:
       وهي الإطلاع الكافي على ما يقدمه المختصون والمجربون من نظريات ونصائح في هذا الميدان، حتى إذا بدأ الطالب خطواته العملية في ميدان البحث العلمي بدأها بثبات ويقين، وقطع مراحل البحث وهو يمتلك التصور الكامل للمراحل التي سيقطعها في هذا السبيل الشاق، من لحظة التفكير في إشكالية البحث إلى ساعة التتويج بنيل الشهادة العليا بحول الله.
 
ب ـ الوسيلة التطبيقية:
       إن الفائدة المرجوة من دراسة هذه المادة لا تتم بغير العناية الكاملة بالجانب التطبيقي، إذ لا يكفي إن نملأ أدمغتنا بالنظريات ونحن نمارس العمل في ميادين البحث المباشرة مع المصادر والمراجع والمواقع الأثرية و...
لذا فإننا نوجه العناية إلى هذا الجانب المهم، وهو تعويد الطلاب على التعامل مع المصادر والنصوص وبث روح التفكير والنقد فيهم، وزرع أخلاق الباحثين النزهاء منذ الخطوات الأولى، فإن البحث العلمي أخلاق فاضلة قبل كل شيء.
على أن الإطلاع على مناهج البحث العلمي ودراسة تقنيات البحث، لا يكون وحده استعدادات نفسية، وعلمية، وذهنية، إنها أشبه ما تكون بالماء الذي يسقي الأرض الصالحة للزراعة، فإن لم يكن الباحث مؤهلاً بالفطرة للبحث فإن دراسته للمناهج، ومعرفته تقنيات البحث لا تجدي نفعاً.
 
الحاجة إلى معرفة منهج البحث:
كل باحث بحاجة إلى معرفة الأصول العامة في كتابة الأبحاث (منهج البحث) وذلك للأسباب التالية:
أ ـ لأن إتباع الطرق البحثية التي خلُص إليها العلماء يزيد من جمال البحث، ويظهر حسن عرضه.
ب ـ يساعد القارئ على تصور أبعاد البحث وتفريعاته، وبذلك يسهل عليه فهمه.
ت ـ يساعد الباحثين المبتدئين على الارتقاء بأبحاثهم.
ث ـ يوحد خطوات البحث بين الباحثين، دون المساس بالمضامين العلمية أو النتائج التي يتوصلون إليها.
5ـ أهمية البحث:
       البحث العلمي هو الذي يقدم للإنسانية شيئاً جديداً، ويُساهم في تطوير المجتمعات ونشر الثقافة والوعي والأخلاق القويمة فيها باستمرار.
وتزداد البحث كلما ارتبط بالواقع أكثر فأكثر، فيدرس مشكلاته، ويقدم الحلول المناسبة لها، فموضوع علم الآثار الذي ندرسه يحتل أهمية كبيرة بالنسبة لنا جميعاً، لأنه دائماً تظهر إلينا المزيد من المعلومات التي تكشف عن جوانب متعددة من حضارتنا عبر التاريخ.
وعلى العكس من ذلك تلك المواضيع الخيالية التي لا تفيد الناس بشيء اليوم، وتكون بعيدة عن واقعهم، فإنها تفقد أهميتها، فيجب على الباحث أن يختار موضوعاً يهم المجتمع ككل، ويفيد الناس، ويقدم لهم خدمة، فالمريض الذي يشكو الآلام بحاجة إلى طبيب يكفكف آلامه وأوجاعه، ويخفف عنه ما يشعر به، ويقدم له العلاج النافع.
ومما لا شك فيه أن الدراسات والأبحاث التي يكتبها المتخصصون في كل فن، تقدم للإنسانية خدمات كبيرة فهي:
أ ـ تُسجل آخر ما توصل إليه الفكر الإنساني في موضوع ما.
ب ـ تُقدم للناس فائدة عظيمة وتنشر الوعي فيما بينهم.
ت ـ تُثرِي المجتمع بالمعلومات، فتزيد في تطويره ونموه، ومواكبة السباق الحضاري بين الأمم.
6ـ أهداف البحث:
       يميل البحث العلمي اليوم للتخصص ومعالجة أدق الجزئيات بالتفصيل، ويسلط الضوء على أسبابها وكيفية عملها ونتاجها، ويوازن بين الأمور ليبين صحيحها، ويهدف إلى إبراز حقيقة ما، أو يضع حلاً لمشكلة ما: ثقافية، أو علمية، أو اجتماعية، أو أدبية، أو يتوصل إلى اكتشاف جديد، أو يطور آلةً، أو نظرية معينة، أو يصحح خطأ شائعاً، أو يرد على أفكار معينة.
ومجاله رَحبٌ واسع لا حدود له، لأنه صادرٌ عن أفراد المجتمعات الإنسانية، ويسعى لتطورها ونشر العلم والثقافة والوعي فيها، وهذا أمر لا حدود له، يستمر باستمرار الإنسانية، لذلك يجب أن لا يَحْتار الباحثون في اختيار مواضيع بحثهم، فالمجال أمامهم واسع ومفتوح ما دام العقل البشري يعمل ويفكر، وما على الباحث إلا الانطلاق من حيث توقف الآخرون، لذلك يجب معرفة، واستيعاب أبحاث السابقين، حتى لا يقع الباحث في التكرار، وضياع الجهود وتبعثرها.
ولابد من أن يحقق البحث أهدافاً، ولابد من وضوح هذه الأهداف في ذهن الباحث، لأن معالجة الموضع تختلف لاختلاف الهدف، فمن كان هدفه من بحثه تعريف الناس، أو شريحة من الناس، بالمشكلة، يسلك طريقاً في بحثه غير الطريق الذي يسلكه من كان هدفه حل المشكلة.
ومن الأهداف المعتبرة للبحث الآتي:
1.   الوصول إلى حكم لحادثة جديدة لم يبحثها غيره، أو التنبيه على أمر لم يسبق لأحد أن نبَّه إليه.
2.   اختراع معدوم: ( الاختراعات، والاكتشافات ).
3.   إتمام بحث لم يتمه من بحثه سابقاً.
4.   تفصيل مجمل: الشروح، والحواشي، والتحليلات، والتفسيرات، والبيان لما هو غامض.
5. اختصار أو تهذيب ما هو مطوّل: إذ يستبعد من البحوث ما عسى أن يكون حشو وفضول، ومعارف يمكن أن يستغنى عنها في تعليم المبتدئين، وقد شاع هذا قديماً، ولم يعد اليوم مقبولاً كبحث.
6. جمع متفرق: ( النصوص، والوثائق، والأحداث، والمعلومات ..) قد تكون هناك مسائل علمية متفرقة في بطون الكتب موزعة في مصادر ومراجع مختلفة، وتحتاج إلى بحث واستقراء دقيقين ليصل الباحث إلى تصور شامل لما تفرق في صورة قضية واحدة متكاملة الأطراف والعناصر، وهذا لون من البحث وإن لم يأت بجديد لكنه جهد مفيد، مثمر، ييسر للأجيال التالية أن تخطو على أساسه خطوات واسعة.
7.   تكميل ناقص: بحث جانب وإهمال آخر، أو اهتمام بقضية وإغفال أخرى.
8.    إفراز مختلط: كاستقراء تراجم للأعلام، واستخراج تراجم من مات في أماكن ومناطق مختلفة.
9.   إعادة عرض موضوع قديم بأسلوب جديد.
10.       التعقيبات والنقائض: هذا لون من البحث يعتمد على التعقيب على بحوث سابقة، أو نقض ما فيها من قضايا، أو إصلاح أخطاء وقع فيها مؤلفون سابقون، وكشف ما فيها من زيف، أو تخطئة ما ورد فيها من آراء واجتهادات.
7ـ أنواع البحوث:
       تتنوع البحوث من حيث الكمّ والكيّف:
1.   من حيث الكم:
هناك الأبحاث الصغيرة، ويكون هدفها تدريب الطلاب على كتابة الأبحاث، وتوسيع آفاق ثقافاتهم، واحتكاكهم بالمكتبات، وحُسن استخدام المصادر والمراجع، ويكون حجم البحث بمقدار يتراوح بين (10ـ50) صفحة.
   وقد يكون كاتبُ البحث إنساناً من غير الطلبة (المدارس، والمرحلة الجامعية الأولى)، كأن يكون طالب في مرحلة الدراسات العليا ( الدبلوم، أو الماجستير، أو الدكتوراه )، أو عالماً، أو مفكراً، أو دارساً، أو باحثاً، أو متخصصاً في فنٍ ما، .. فيُساهم في أبحاثه بإثراء الفكر والمكتبة.
2.   من حيث الكيف:
فقد يكون البحث دراسةً جديدة يُعِدُها الباحث، ويقدم بها نفعاً للناس، وقد يكون له أهمية كبيرة في موضوعه، ويكون في إبرازه للناس فوائد عظيمة، فيعمل الباحث على خدمته بكل طاقته، لكي يوفره بين أيدي الناس بشكل علمي واضح ومُيَسر.
8ـ مواضيع البحوث:
       تتنوع الأبحاث بتنوع مواضيع العلوم الكثيرة والمتشعبة، ويمكن تقسيم العلوم إلى فرعين عظيمين:
·       العلوم النقلية: وهي علوم الدين التي جاء بها الوحي.
·       العلوم العقلية: وهي العلوم التي أنتجته العقول البشرية:
من العلوم التطبيقية والأساسية: كالهندسة، والطب، والفيزياء، والكيمياء، والرياضيات، والحاسوب، ..
ومن العلوم الإنسانية: كعلم التربية، والاجتماع، والسياسة، والآداب، والإدارة، والمحاسبة، والآثار، والفلسفة، ..
ويمكن للطالب أن يختار أي موضوع من هذه الموضوعات حسب اختصاصه وميوله ورغبته.
 
9ـ التعريف قبل التأليف:
     لابد قبل دراسة أي موضوع أن يتم تعريفه، ومن هذا القبيل يجب توضيح بعض المفاهيم، منها:
أ ـ البحث:
إن البحث واحد من أوجه النشاط المعقدة المحيرة, التي تظل عادة غير واضحة المعالم تماماً في أذهان من يمارسونها.
ولعل هذا هو سبب اعتقاد أغلب العلماء أنه ليس بالإمكان إعطاء أية دراسات منهجية في كيفية إجراء البحث.
والبحث هو تتبع موضوع ما في مظانه، وجمع معلوماته ثم سبرها بغية الوصول إلى غاية ما.
وإنني أسلم بأن التدرب على البحث ينبغي أن يكون ذاتياً إلى حد بعيد, ويفضل الاسترشاد بعالم أو باحث متمرس عند معالجة المراحل الفعلية في البحث, إلا أنني أعتقد أنه من الممكن أن نستمد بعض العبر والقواعد العامة من تجارب الآخرين.
وكما يقول المثل:
( الحكيم يتعلم من تجارب الآخرين، والأحمق لا يتعلم إلا من تجاربه).
ولا شك أن أي تدريب يتضمن أكثر من مجرد معرفة طريقة العمل، فالباحث بحاجة إلى مران ليتعلم كيف يضع القواعد موضع التنفيذ وحتى يصبح استخدامها عنده عادة. ولكن مما يفيده أيضاً أن يعرف المهارات التي ينبغي عليه اكتسابها.
       إن العبقري النادر الذي يتألق بموهبة فذة في البحث لن يستفيد من التدرب على طرائق البحث.
غير أن معظم المقبلين على الاشتغال بالأبحاث ليسوا عباقرة, وهؤلاء لو أرشدوا إلى طريقة القيام بالأبحاث لكان في هذا ما يساعدهم على التبكير في الإنتاج أكثر مما لو تركوا لمعرفة ذلك بأنفسهم عن طريق التجربة الشخصية المضيعة للوقت.
 
ب ـ المنهج:
المنهج: هو البرنامج الذي يحدد لنا السبيل للوصول إلى الحقيقة, أو هو مجموعة قواعد يتبعها الباحث في إعداد بحثه، أو الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم. ولجميع الدراسات على اختلاف مناهجها, فهناك:منهج للتعلم، ومنهج للقراءة، ومنهج للتربية، ومنهج للآثار، ومنهج للعلوم التطبيقية، ومنهج في الطب (علاجي ـ وقائي),  ...
ت ـ منهج البحث العلمي:
         يتكون هذا الاصطلاح من ثلاث كلمات هي:
                   كلمة منهج, وكلمة بحث, وكلمة العلمي.
-   أما كلمة منهج: فهي مصدر بمعنى طريق, سلوك. وهي مشتقة من الفعل نهج بمعنى طرق، أو سلك، أو اتبع.
-   أما كلمة البحث: فهي مصدر بمعنى الطلب, التقصي..، وهي مشتقة من الفعل: بحث بمعنى طلب، أو تقصى، أو فتش، أو تتبع، أو تمرس، أو سأل، أو حاول، أو اكتشف..
ومن هنا فكلمة منهج البحث تعني: القانون أو المبدأ أو القاعدة التي تحكم أي محاولة للدراسة العلمية وفي أي مجال.
ومناهج البحث متعددة, ومتجددة طبقاً لتعدد أنواع العلوم, و تجددها. وهي تشترك جميعها بخطوات وقواعد عامة تشكل الإطار الذي يسلكه الباحث في بحثه, أو دراسته العلمية, أو تقييمه العلمي لأي حقيقة علمية.
-   أما كلمة العلمي لغة: فهي كلمة منسوبة إلى العلم, وهي بمعنى المعرفة, والدراية، وإدراك الحقائق. والعلم يعني الإحاطة والإلمام بالأشياء، والمعرفة بكل ما يتصل بها, بقصد إذاعتها بين الناس.
 
وقد عرض الباحثون تعريفات شتى للبحث العلمي، وهم في كل تعريف يصدر الواحد منهم عن منظور خاص، وتصور شخصي يصعب معه الشمول، كما نرى بعضهم حدد معنى البحث على أساس ميدانه:
·       فالبحث في العلوم التجريبية له تعريف محدد.
·        والبحث الأدبي له منحى معين.
·        والبحث الديني قد يكون له مفهوم يختلف عنها جميعاً.
وعلى ضوء ذلك يمكننا تعريف منهج  البحث العلمي بشكل عام بأنه:
·  " التقصي المنظم بإتباع أساليب ومناهج علمية تحدد الحقائق العلمية بقصد التأكد من صحتها أو تعديلها أو إضافة الجديد إليها ".
·  أو هو:" الطريق أو الأسلوب الذي يسلكه الباحث العلمي في تقصيه للحقائق العلمية في أي فرع من فروع المعرفة, و في أي ميدان من ميادين العلوم النظرية و العملية ".
·       وبتعبير آخر هو: " سبيل تقصي الحقائق العلمية، وإذاعتها بين الناس ".
 فالبحث العلمي يستند أصلاً إلى منهج ثابت ومحدد، تحكمه خطوات، تشكل قواعد, وأصولاً يجب التقيد بها من قبل الباحث.
ويعتمد البحث العلمي على المناهج المختلفة تبعاً لموضوع البحث، والمنهج العلمي هو الدراية الفكرية الواعية التي تطبق في مختلف العلوم تبعاً لاختلاف موضوعات هذه العلوم، وهو قسم من أقسام المنطق.
وليس المنهج سوى خطوات منظمة يتبعها الباحث في معالجة الموضوعات التي يقوم بدراستها إلى أن يصل إلى نتيجة معينة، وبهذا يكون في مأمن من اعتقاد الخطأ صواباً أو الصواب خطأ.
       ومن هنا تنحصر مهمة الباحث الأولى:
ـ في التعرف على المناهج العلمية المتخصصة.
ـ ثم يقول بتحديدها، وتجميعها ضمن مجموعة القواعد  المبادئ التي تحكمها.
ـ ثم يحاول التنسيق بينها ليستطيع الوقوف على المناهج والطرق المطلوبة واللازمة في البحث, والتقصي لسبيل المعرفة, وأنواع الحقائق العلمية.
ولنا أن نتساءل في نهاية هذا التعريف:
متى يمكننا اعتبار دراسة معينة ملتزمة بطرق البحث العلمي ومواصفاته ؟
يحدد المنهجيون ذلك بتوفير العوامل المحددة الآتية:
·       أن تكون هناك مشكلة تستدعي الحل.
·  وجود الدليل الذي يحتوي عادة على الحقائق التي تم إثباتها بخصوص هذه المشكلة وقد يحتوي على رأي أصحاب الاختصاص.
·  التحليل الدقيق للدليل وتصنيفه، حيث يمكن أن يرتب الدليل في إطار منطقي أو في إطار شرعي علمي، وذلك لاختياره وتطبيقه على المشكلة.
·  استخدام العقل والمنطق لترتيب الدليل في حجج وإثباتات حقيقية علمية دون اللجوء إلى الانفعال والعواطف والأغراض الشخصية. 










الثلاثاء، 7 سبتمبر 2010

من مفاسد البدع وخطورتها



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


فكم أخفت البدع من سنة؟

من أشد معاول الهدم والتخريب في دين الله عز وجل معول الأهواء والبدع،
ذلك المعول الذي مازال يضرب صفحة الدين البيضاء حتى تتحطم ويحل محلها ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم من الضلالات والبدع.
فكم أخفت البدع من سنة؟
وكم أضلت من طائفة؟
وكم أظلمت من قلب؟


قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة، وسبعون في النار،
وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، فإحدى وسبعون في النار، وواحدة في الجنة،
والذي نفس محمد بيده، لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة،
فواحدة في الجنة، واثنتان وسبعون في النار
».
"السلسلة الصحيحة" الألباني السلسلة الصحيحة 203

فهذه الفرق هي فرق الأهواء والبدع والقول على الله تعالى بغير علم،
قال الإمام الآجري:
"رحم الله عبداً حذر هذه الفرق، وجانب البدع، واتبع ولم يبتدع،
ولزم الأثر، فطلب الطريق المستقيم واستعان بمولاه الكريم
".

ما جاء في ذم البدع وأهلها:

قال تعالى:
{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا}
[الحديد: 27]
قال الحافظ ابن كثير:
{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} أي: ابتدعها أمة النصاري ،
{مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} أي: ما شرعناها لهم،
وإنما هم التزموها من تلقاء أنفسهم.
وقوله تعالى: {إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ} فيه قولان:
أحدهما: أنهم قصدوا بذلك رضوان الله، قاله سعيد بن جبير وقتادة.
الثاني: ما كتبنا عليهم ذلك، إنما كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله.

وقوله تعالى: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} أي: فما قاموا بما التزموا حق القيام،
وهذا ذم لهم من وجهين:
أحدهما: الابتداع في دين الله ما لم يأمر به الله.
والثاني: في عدم قيامهم بما التزموا مما زعموا أنه قربهم إلى الله عز وجل.

ومما ورد كذلك في ذم البدع والأهواء والمحدثات قوله تعالى:
{اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء}
[الأعراف: 3]
وقال تعالى:
{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
[آل عمران: 105]
وعن عبدالله مسعود رضي الله عنه قال:
خطَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاًّ على الأرض، وقال:
«هذا سبيل الله» ثم خط خطوطاً عن يمين الخط ويساره، وقال:
«هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه» ثم تلا هذه الآية:
{وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
[الأنعام: 153]
الخطوط التي عن يمينه ويساره.


ومن الأحاديث في ذم البدع والتمسك بالسنة:

حديث العرياض بن سارية رضي الله عنه قال:
"وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون ،
قالوا: يارسول الله، كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال:
«أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن كان عبداً حبشياًّ،
وإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً،
فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي،
عضّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور،
فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة
».
الراوي: العرباض بن سارية المحدث: الترمذي -
المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2676


عن أم المؤمنين أم عبد الله عائشة رضي الله عنها قالت:
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :
«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ».
(رواه البخاري ومسلم) وفي رواية لمسلم:
"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".

مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الْحَسَنُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
« مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى فَاتُّبِعَ عَلَيْهِ وَعُمِلَ بِهِ فَلَهُ مِثْلَ أُجُورِ مَنِ اتَّبَعَهُ وَلَا يُنْقِصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ،
وَأَيُّمَا دَاعٍ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا وَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ مِثْلُ أَوْزَارِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِمَّنِ اتَّبَعَهُ لَا يُنْقِصُ ذَلِكَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا .
».
سنن أبو داوود

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
«لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ .
قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ ؟
»
[ البخارى.. ك.. أحاديث النبياء]


ما ورد عن السلف في ذم البدع:

أما علماء السلف من الصحابة والتابعين والأئمة، فقد اشتد نكيرهم على أهل الأهواء والبدع،
وكانت لهم في ذلك عبارات خالدة تكتب بماء الذهب، ومن ذلك:
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال:
"اتبعوا آثارنا ولا تبتدعوا، فإن أصبتم فقد سبقتم سبقاً بعيداً، وإن أخطأتم فقد ضللتم ضلالاً بعيداً".

وقال ابن مسعود رضي الله عنه:
"اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم".

وكان رضي الله عنه يقول في خطبته:
"إنما هو القول والعلم، فأصدق القول قول الله وأحسن الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم،
وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة
".

وقال ابن عباس رضي الله عنه:
"عليكم بالاستقامة والأثر، وإياكم والتبدع".

وقال أيضا:
"ما يأتي على الناس من عام إلا أحدثوا فيه بدعة،
وأماتوا فيه سنة، حتى تحيا البدع، وتموت السنن
".

وقال الحسن:
"صاحب البدعة لا يزداد اجتهاداً، صياماً وصلاة إلا ازداد من الله بعداً،
وكذا قال أيوب السختياني
".

وقال ابن المبارك:
"اعلم أي أخي أن الموت اليوم كرامة لكل مسلم لقي الله على السنة،
فإنا لله وإنا إليه راجعون، فإلى الله نشكو وحشتنا، وذهاب الإخوان، وقلة الأعوان وظهور البدع،
وإلى الله نشكو عظيم ما حل بهذه الأمة من ذهاب العلماء وأهل السنة وظهور البدع
".

فإذا كان هذا قول ابن المبارك في بدع عصره، فماذا نقول نحن في بدع عصرنا؟!

وقال الإمام أحمد بن حنبل:
"أصول أهل السنة عندنا:
التسمك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،
والاقتداء بهم وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة
".

وأقوال أئمة السلف في ذلك كثيرة جداً، وهذا غيض من فيض، والحرُّ تكفيه الإشارة.


من مفاسد البدع:

وخطورة البدع ومفاسدها على الإسلام والمسلمين عظيمة، ومن ذلك:

أولاً: أن ظهور البدع تؤدي إلى ذهاب السنن وانطماس معالم الدين الصحيح.

ثانياً: أنه يؤدي إلى الجهل ويدخل عليه، لأنه إذا انطمست السنن أفتى الناس بغير علم فضلوا وأضلوا.

ثالثاً: أنه يؤدي إلى الشرك والخروج من الإسلام،
فإن شرك عباد القبور كان بسبب البدع التي استحسنوها وأخذوها عن غلاة الصوفية.

رابعاً: أنه يؤدي إلى الغلو في الدين، وتكفير المسلمين واستباحة دمائهم وأموالهم، كما حدث في بدعة الخوارج.


خامساً: أن صاحب البدعة يرى أن الدين ناقص، وهو يريد أن يكمله ببدعته،
فلو كان يرى أن الدين كامل لاستغنى عن البدع وقنع بالسنة،
ولذلك يكثر في أهل البدع الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فإذا تبين كذبهم قالو:
"كذبنا له، ولم نكذب عليه
وهذا فيه افتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه لم يبلغ البلاغ المبين،
حتى أتى هؤلاء المبتدعة فقاموا بإكمال ما أهمله.

سادساً: أن البدع تنتشر لأن الحق ثقيل على النفوس والباطل سهل،
ومن هنا نجد أن أصحاب البدع يزهدون في السنن،
وتفتر عزائمهم عن العمل بها، وينشطون في البدع، فينفقون أموالهم وينصبون أبدانهم،
ويضيعون أوقاتهم في نشر البدع، ومن ذلك بدع السماع، والرقص وإقامة الموالد وغيرها.

سابعاً: أن البدع تعيد الجاهلية إلى حياة الناس،
فتورث التفرق وكثرة الاختلاف، وكل فريق يرى أن ما هو عليه أحسن مما عليه الآخر،
كما قال تعالى: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون: 53]،
وقال: {وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153].

أما السن فإنها تجمع الناس وتؤلف بين قلوبهم،
فيكونون إخوة متحابين على منهج واحد، ودين واحد، ممتثلين قوله تعالى:
{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ} [آل عمران: 103].


ثامناً: أن البدع أخطر من الشهوات؛
لأن صاحب الشهوات يعلم أنه على معصية فيتوب منها،
أما صاحب البدعة فيظن أنه على طاعة وعلى خير وعلى استقامة،
وهو ممن يشمهلم قوله تعالى:
{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}
[الكهف: 103-104].

تاسعاً: أن البدع تصد الناس عن دين الله عز وجل، وتمنع الكفار من الدخول في الإسلام،
فإذا ما رأى غير المسلم ومن لا يعرف حقيقة الإسلام ما عليه كثير من المسلمين من الجهل والبدع والخرافات والطقوس الفارغة،
ظن أن ذلك هو الإسلام، وأن الدين يأمر بهذه البدع والضلالات،
فكان ذلك صارفاً له عن الدخول في الإسلام.

عاشراً: أن بعض المسلمين الجدد ممن تركوا الكفر ودخلوا في الإسلام،
ولجوا إليه عن طريق أهل البدع، ومنهم من تبنى بدعاً مكفرة، فصدق عليه المثل القائل:
فرَّ من الموت وفي الموت وقع.


حادي عشر: والبدع كما أنها تؤدي إلى الغلو فإنها كذلك تؤدي إلى الجفاء والتفريط والتساهل،
كما في بدعة من يرى أنه مجبور على فعل المعاصي، وأنه ليس له إرادة ولا استطاعة على منع ذلك، وربما أنشد في ذلك قول الشاعر:
ألقاه في اليمِّ مكتوفاً وقال له *** إياك أن تبتلَّ بالماء

فجعل الاحتجاج بالقدر حجة له على فعل المعاصي ولا حجة له في ذلك؛
لأن الله عز وجل أثبت للإنسان مشيئة فقال:
{فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29]
وأثبت له إرادة كما قال:
{وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً} [التوبة: 46].

ومن ذلك: بدعة من قالوا إن الإيمان هو التصديق فقط، وإن الأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان،
فقالوا إن إيمان أفجر رجل في الأمة مثل إيمان أبي بكر، لأنهما يشتركان في التصديق،
وكل ذلك من البدع التي جرأت الناس على فعل المعاصي، وارتكاب المحرمات.

ثاني عشر: والبدعة من محبطات الأعمال، لأن العمل لا يقبل إلا بشرطين:
الأول: أن يكون خالصاً لوجه الله تعالى.

الثاني: أن يكون صواباً على السنة.

وكل البدع مخالفة للسنة، وأغلبها لا يراد بها وجه الله تعالى،
وإنما يراد بها الأموال والدنيا والمناصب والشهرة بين الناس،
فلا يقبلها الله عز وجل بل يردّها، ويضرب بها وجه صاحبها، ويعاقبه على إحداثها.

ثالث عشر: والبدعة من أعظم المحرمات، لأنها من جنس القول على الله بلا علم،
وقد قرنه الله عزوجل بالشرك، قال ابن القيم:
"وأما القول على الله بلا علم فهو أشد هذه المحرمات تحريماً وأعظمها إثماً،
فإنه يتضمن الكذب على الله، ونسبته إلى ما لا يليق به، وتغيير دينه وتبديله،
ونفي ما أثبته وإثبات ما نفاه، وتحقيق ما أبطله، وإبطال ما حققه،
وعداوة من والاه، وموالاة من عاداه، وحب ما أبغضه وبغض ما أحبه،
ووصفه بما لا يليق به في ذاته وصفاته وأقواله وأفعاله.
"

فليس في أجناس المحرمات أعظم عند الله منه، ولا أشد إثماً،
وهو أصل الشرك والكفر، وعليه أسست البدع والضلالات، فكل بدعة مضلة في الدين أساسها:
"القول على الله بلا علم".


ثم قال رحمه الله:
"فذنوب أهل البدع كلّها داخلة تحت هذا الجنس، فلا تتحقق التوبة منه إلا بالتوبة من البدع،
وأنى بالتوبة منها لمن لم يعلم أنها بدعة، أو يظنها سنة، فهو يدعو إليها، ويحض عليها،
فلا تنكشف لهذا ذنوبه التي تجب عليه التوبة منها إلا تنكشف لهذا ذنوبه التي تجب عليه التوبة منها إلا بتضلعه من السنة وكثرة اطلاعه عليها،
ودوام البحث عنها والتفتيش عليها، ولا ترى صاحب بدعة كذلك أبداً
".